في خطوة جديدة تهدف إلى توسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والمملكة المغربية، أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، يوم الأربعاء الماضي، عن تعيين عشرة ملحقين اقتصاديين جدد في عدة دول حول العالم، من ضمنهم ملحق اقتصادي لأول مرة في المغرب. ومن المقرر أن يبدأ المعينون الجدد مهامهم خلال فصل الصيف المقبل
وسيقود البعثة الاقتصادية الجديدة إلى المغرب أبيهاي ليفين، الذي كُلّف بمهمة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وإسرائيل، وذلك في إطار توسيع مجالات التعاون التي بدأت منذ توقيع اتفاقيات أبراهام أواخر عام 2020. ووفقًا لوسائل إعلام عبرية، فإن ليفين سيعمل على فتح قنوات التواصل بين الشركات الإسرائيلية والمغربية، واستغلال الفرص الاقتصادية المتاحة في السوق المغربية، خاصة في مجالات التكنولوجيا، الزراعة، الطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية.وأكدت ذات المصادر أن ليفين يُنتظر أن يلعب دورًا محوريًا في تفعيل المشاريع الاستثمارية الثنائية، وجذب مستثمرين من كلا الجانبين، في وقت تُبدي فيه بعض الشركات الإسرائيلية اهتمامًا متزايدًا بالسوق المغربي، خاصة لما يتمتع به من موقع استراتيجي وبنية تحتية متطورة
وقال موطي جملئيل، أحد كبار المسؤولين في وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، إن هؤلاء الملحقين هم بمثابة «سفراء الاقتصاد الإسرائيلي»، موضحًا أن دورهم يتعدى الجوانب الدبلوماسية ليشمل «فتح الأبواب أمام الاستثمارات والتبادل التجاري، وربط العلاقات بين الفاعلين الاقتصاديين، وخلق فرص حقيقية للمصدرين الإسرائيليين».من جهته، صرّح رؤي فيشر، مدير إدارة التجارة الخارجية في إسرائيل، بأن الملحقين الاقتصاديين الجدد يشكلون «الذراع التنفيذي على الأرض» في إطار الاستراتيجية الإسرائيلية لتوسيع حضورها في الأسواق العالمية، وخاصة في الدول التي أقامت معها مؤخرًا علاقات دبلوماسية وتجارية.أما وزير الاقتصاد والصناعة، نير بركات، فقد وصف تعيين هؤلاء المسؤولين بأنه «خطوة استراتيجية» تهدف إلى فتح أسواق جديدة وبناء علاقات دولية طويلة الأمد، مؤكدًا أن المغرب يُعد شريكًا اقتصاديًا مهمًا في شمال إفريقيا.
تأتي هذه الخطوة في سياق حساس ومعقد، حيث تشهد العلاقات المغربية الإسرائيلية فتورًا ملحوظًا منذ السابع من أكتوبر 2023، وهو تاريخ انطلاق العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، والذي أسفر عن آلاف القتلى والجرحى من المدنيين الفلسطينيين، ما أثار موجة غضب شعبي ورسمي واسع في عدد من الدول العربية، من بينها المغرب.وفي حين تُبدي قطاعات واسعة من الشعب المغربي رفضًا قاطعًا للتطبيع، وتخرج في مظاهرات مستمرة تُندد بالعلاقات الرسمية مع تل أبيب، فإن السلطات المغربية تواصل خطواتها في ترسيخ التعاون الاقتصادي مع دولة متهمة بارتكاب جرائم حرب في غزة، وهو ما يثير تساؤلات حول انسجام السياسات الرسمية مع مواقف الرأي العام، بل ويعكس في نظر البعض فجوة آخذة في الاتساع بين الإرادة الشعبية والقرار السياسي
وفي سياق متصل، كانت إسرائيل قد عيّنت في سبتمبر الماضي الدبلوماسي يوسي بن دافيد كرئيس جديد لمكتب الاتصال الإسرائيلي في العاصمة الرباط، خلفًا للسفير السابق دافيد جوفرين، الذي أقيل من منصبه إثر فضيحة تحرش جنسي داخل مقر البعثة، وهي الحادثة التي خلّفت جدلًا كبيرًا حول طبيعة هذا التمثيل الدبلوماسي ومدى ملاءمته للسياق المغربي.ورغم هذه العراقيل، يبدو أن إسرائيل تسعى إلى إعادة تنشيط المسار الاقتصادي مع المغرب، معتبرة أن التعاون الاقتصادي قد يكون مدخلًا لتقوية العلاقات في ظل تراجع التفاعل الدبلوماسي المباشر.
يُذكر أن المغرب وإسرائيل كانا قد أعلنا في السنوات الأخيرة عن عدة اتفاقيات في مجالات الاستثمار، الأمن السيبراني، الطيران المدني، الفلاحة، والتعليم العالي، إلى جانب تعزيز التبادل السياحي. كما تم افتتاح رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وعدة مدن مغربية.ومع ذلك، فإن الرفض الشعبي المتنامي والموقف المتصلب تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة قد يحدّ من زخم هذه المبادرات، خاصة أن قطاعًا عريضًا من المغاربة يعتبر استمرار هذه العلاقات شكلًا من أشكال التواطؤ مع الاحتلال، ما يُلقي بظلال من الشك على مستقبل التعاون السياسي والدبلوماسي، حتى وإن استمر التنسيق الاقتصادي في الظل